Wednesday, October 1, 2014

وزير خارجية لبنان

ليست الضحالة حكراً على وزير الخارجية اللبناني الراهن. سبقه وزراء خارجية من الطينة إياها، ويوجد حوله مسؤولون في أكثر من مؤسسة رسمية لا يتفوّقون عليه في شيء. 
لكن للوزير هذا قدرة على تكثيف المثالب وتظهيرها تفوق قدرات أسلافه وزملائه. فإضافة الى الخواء السياسي والفكري والفقر اللغوي اللذَين يشوبان على الدوام خطابه، يستخدم المذكور جملاً من الصيغ الشعبوية المبتذلة حين يتطرّق الى القضايا العامة، وكمّاً من العبارات العنصرية حين يتحدّث عن السوريّين والفلسطينيين، تستحقّ في الكثير من الأحيان الملاحقة القانونية.

وهو فوق ذلك سوقيّ. تكفي مشاهدة الفيديو الأخير لجانبٍ من اجتماعه بوزير خارجية الإمارات العربية في نيويورك للوقوف على مدى سفاهته. فالرجل، إذ يعرّف نظيره بفريق العمل اللبناني، يسأل أحد الموجودين عن "كارولاين"، أي عن المسؤولة الثانية في بعثة لبنان الى الأمم المتّحدة، السيدة كارولين زيادة، طالباً إليه مناداتها لأنها وفق إشارة يده وحركتها الأفقية وقهقهته السمجة سيّدةٌ ذات جسد جميل...

هكذا، يعبّر الوزير في نظرته الى المرأة أولّاً، والى ديبلوماسيّة (كفؤة) تمثّل لبنان ثانياً، والى المتلقّي "الخليجي" ثالثاً، خير تعبيرٍ عن فظاظة الذكورية "الشوارعية". تلك التي تتحوّل في اجتماعات ولقاءات الى عملية "تسويق" للذات عبر استعراض جاذبية مظهر زميلةٍ والدعوة الى تقدير أمر دعوتها الى مجلس "تُضفي عليه بعض المتعة والإثارة". فكيف إذا كان ضيف المجلس وزيرٌ خليجي كثيراً ما تُذكر في بيروت أسبابُ سياحةِ بعض مواطنيه الى لبنان؟

طبعاً لم يكن الوزير اللبناني هذا ليُقْدِمَ على سلوكه وعلى حركة اليد المشيرة الى قوام السيدة كارولين لو كان في حضرة وزير خارجية النروج، أو وزيرة خارجية أستراليا. ولما تجرّأ أصلاً على فعلته في حضرة أيٍّ كان لو كانت السيدة كارولين موجودة (إلاّ ربما من خلال إطلالةٍ وإيماءة وابتسامةٍ غبيّة من خلف ظهرها)....


في أي حال، وفي ما يتخطّى حادثة نيويورك هذه ودلالاتها، لم يعد مُستغرباً مع سيادة الانحطاط السياسي والفشل المؤسّساتي في لبنان أن نشاهد أمثال وزير الخارجية يتسيّدون شاشات الإعلام، وأن نقف على ممارسات عديمة الاحترام للقوانين والأعراف وأبسط الشكليّات التي يراعيها عادةً المتصدّون للشأن العام.

فنخبة سياسية عاجزة عن انتخاب رئيس جمهورية واعتماد نظام انتخابي تُجرى بموجبه الانتخابات النيابية، وعاجزة قبل ذلك وبالتزامن معه عن بلورة خيارات لسياسات خارجية والبحث عن حدّ أدنى من الإجماعات الوطنية، ونخبة سياسية مكوّنة بشكل أـساسيّ من عديمي الكفاءة ووزراء الصدف العائلية والمالية والمذهبية، لا يمكن ألّا يكون وقت نشاطها مليئاً بالنميمة والابتذال وتوزيع الابتسامات البلهاء والتصريحات الأكثر بلاهةً...
زياد ماجد