Sunday, December 29, 2013

خيم اللاجئين

تتخطّى واقعة الاعتداء على لاجئين سوريّين يقيمون في خِيم في بلدة قصرنبا البقاعية (يوم الاثنين الماضي في 2 كانون الأوّل/ديسمبر) وإحراق بعض هذه الخيم مسألةَ انتهاك القانون في سلوك غاضب ومُشين، لتطرح أربع مسائل يجري غالباً تجاوزها في لبنان. 

الأولى، مرتبطة باستسهال الاستقواء على "مستضعَفين" لا قوام صلباً حتى لمكان إقامتهم اللبنانية المؤقتة، إذ هي خيم مشرّعة على تلفيق القصص والأكاذيب حولها (وقد تبيّن بالفعل أن لا صحّة لما أُطلق عليهم من تهمٍ سبقت الاعتداء الأخير)، ومشرّعة أيضاً على الريح في أرض بقاعية سيجعل منها المطرُ بركاً باردة يصعب استمرار العيش فوقها.

والثانية، تكمن في مؤدّيات إهمال الدولة اللبنانية والمؤسسات الدولية ذات الاختصاص لأولوية دعم اللاجئين في المناطق الأشدّ فقراً (الضنيّة وعكّار وبعض أنحاء البقاع والمخيّمات الفلسطينية خصوصاً)، ودعم المجتمعات المحلية في هذه المناطق للتخفيف من الضغط الاقتصادي-المعيشي الذي قد يسبّبه حضور لاجئين الى بيئتهم استضافةً أو إقامةً يبحث أصحابها عن عمل بشروط تُخرج من المنافسة فقراء "محليّين"، ويستهلكون مواداً يرفع ازدياد الطلب عليها - كما نذالة بعض موزّعيها - أسعارَها.

والمسألة الثالثة هي غياب الدولة اللبنانية بمعناها القانوني السيادي وترك "الأهالي" (أو "الشعب" في ثلاثيّتنا السياسية الشهيرة) يتصرّفون في حالات كثيرة غضباً من أمر أو عقاباً لمغضوب عليه بمعزل عن القضاء وعن فسلفة العدل والحقّ ومقتضياتها التي يُفترض بمؤسسات الدولة وبسُلطتها المعنوية أن تحتكر ممارستها. وما يشجّع الانتهاك هذا هو عدم معاقبة المنتهِكين لردعهم وردع من يرى في نهجهم مثالاً.


أما المسألة الرابعة فتُعيدنا الى صلب "أزمة" اللاجئين السوريين المتفاقمة، وغياب التوجّهات الواضحة لسبُل التعامل إنسانياً وقانونياً معها إن طال أمدها (وهو مرشّح لأن يطول) وما يعنيه الأمر من ضغط شديد على البنية التحتية الخدماتية غير المهيّئة لتحمّله، ومن تزايد للتوتّرات والاعتداءات وتصاعدٍ للعنصرية (الطائفية والاجتماعية) قولاً وممارسة واستغلالاً اقتصادياً. وليس من المؤكّد أن المستضعَف في كلّ هذه الحالات سيستمرّ بالقبول باستضعافه (ولا يُفترض به القبول أصلاً)...

لمجمل هذه القضايا ولغيرها، ومن باب المنفعة والمصلحة وليس فقط من باب الأخلاق والحقوق، ينبغي أن يعيد كثر من المسؤولين التفكير بمقاربتهم لقضية اللاجئين السوريين في لبنان، والمقصود هنا بعض المعنيّين فعلاً بآثارها على السوريّين واللبنانيين، بعيداً عن أولئك السفهاء، وزراء أو نواباً أو أمنيّين أو إعلاميّين، ممّن لا يستحقّون غير الملاحقة القضائية لِعنصريّتهم، والسياسية لِتفاهتهم وإساءتهم للمناصب التي يتبوّأون.
زياد ماجد