Friday, March 29, 2013

كيف تبدّد "خوفي" على الثورة

حين اندلعت الثورة السورية في مثل هذه الأيام من العام 2011، كنت شديد القلق من ألّا تستمر وألّا تتمكّن من تخطّي شهرها الأول. لم يبدّد قلقي ما قرأته لأصدقائي وصديقاتي السوريين ولا ما سمعته منهم. فجميعهم معارضون ومنفيّون وسجناء سابقون لم يلينوا ولم يغيّروا مرّة موقفهم تجاه نظام الأسدين الأول والثاني. وكنت أخشى أن تبقى الثورة يتيمة سورياً إلا من دعمهم واحتضانهم، معزولةً في مناطق ريفية همّشها التحوّل الاقتصادي في عهد الأسد الثاني وزادها فقراً. وكنت بالطبع أخشى أن تطحن آلة الهمجية الأسدية عظام الثائرين الأوائل لتظهر أنها لن تتراخى كآلَتي القمع المصرية والتونسية المنكفئتين أمام الحشود في الساحات...

Tuesday, March 26, 2013

طرابلس

رغم صغر البلد، ثمة في لبنان من لا يعرف طرابلس. لا بل ثمة في لبنان من يعيش "حياة طبيعية" على بعد كيلومترات من معارك تودي بشبّان في أحياء طرابلس.

Monday, March 25, 2013

صوص ونقطة

لا أعرف ماذا تعني بالضبط عبارة "واقف عَ صوص ونقطة". لكنّي أردّدها كما كثر من اللبنانيين للدلالة على وقوف أمرٍ ما، هو بلدنا في أغلب الأحيان، على أهبّة الاستعداد للسقوط.

بين الدهشة والذهول

منذ أكثر من سبع مئة وثلاثين يوماً تجتاح كثراً من متابعي الشأن السوري، وأنا منهم، مشاعرٌ وانطباعات وأفكار لم يسبق أن اكتشفوا كثافة بمثل كثافتها طيلة سنوات حياتهم: من الدهشة المتجدّدة وكأنها تصيبهم كلّ يوم لأول مرة عند رؤيتهم صورة أو شعاراً أو قراءتهم مقالة أو نصّاً "قادماً" من داخل سوريا الثائرة، الى الدموع التي تتسلّل من عيونهم عند اطّلاعهم على شهادة عن معاناة أحياء أو عذابات راحلين، الى الضحكات التي ينتزعها منهم تعليق ينكّل بمستبدّ تحوّل غباؤه مجال تندّر لا تقلّل من خفّته أثقال جرائمه، وصولاً الى الذهول من مشاهد تظهّر مقدرة بشر على التنصّل من كل علاقة بما تخلّفه الإنسانية في نفوسهم، واستمرار البعض متواطئاً معهم أو صامتاً عن مجازرهم.

Monday, March 18, 2013

في معنى الهدم

ثمة مقولة شائعة تُفيد أن "الهدم عمليّة سهلة أمّا البناء فأمر شائك". والتدقيق في هذه المقولة حين تُعتمد شعاراً سياسياً يُظهر كم هي فارغة، وكم يُراد لها أن تسود كي تصبح حكمة أو حُكماً يُعمّم على الأوضاع بسذاجة أو بخبث.

Sunday, March 17, 2013

تحطيم العلبة

في مطلع التسعينات، نشر سجين سياسي سابق في إحدى دول أوروبا الشرقية مذكّراته.
قال في واحدة من يوميّاته واصفاً "لعبة" مع النمل حاول من خلالها هزيمة الوقت والوحدة والوحشة في زنزانته الإفرادية: "كنت كلّ ما صعد النمل من قاع علبة الحلوى الى أعلاها ناقلاً بقايا السّكر، أعيده الى أسفل. أفعل ذلك مرّة بعد مرّة الى أن يوقف محاولاته ويعتاد الدوران في جوار القاع".

Wednesday, March 13, 2013

عن لبنان و14 آذار وحزب الله والتوتّر السني الشيعي وسوريا وقضايا أخرى

في ما يلي نصّ الحوار مع الزميلة ريتا فرج من جريدة الرأي، حول 14 آذار ماضياً وحاضراً وحول حزب الله والمسألة الشيعية في لبنان، وحول التوتّر السنّي الشيعي وتأثيرات الثورة السورية لبنانياً، في ذكرى انتفاضة الاستقلال الثامنة.

عن هوغو شافيز

رحل هوغو شافيز بعد أشهر من انتخابه لولاية ثالثة في فنزويلا. وأثار موته، كما أثارت ولايتاه الرئاسيّتان (1999 – 2012) وقبلها انقلابه العسكري الفاشل (1992)، الكثير من الكلام هجاءً أو مديحاً.
الأسطر التالية هي محاولة لعرض خمس مسائل ارتبطت بحكمه وبميراثه. 

Tuesday, March 5, 2013

تماثيل

أكثرُ ما حاول الاستبداد أيام مؤسّسه حافظ الأسد السعي إليه في سوريا هو "ترويض الزمن". زمن الناس الذين يحكم، وزمن الفعل السياسي الذي يقود بهدف تأبيد الحُكم في شخصه وعائلته وإظهار الوقت عنصراً مضبوطاً الى ساعته، يسيّر العقارب أو يوقفها وفقاً لتوقيت الجلوس (الإنقلاب) أو فرض السطوة أو التوريث أو "الاحتفال بالإنجازات". وليس اختياره شعارات مثل "الرئيس الخالد" أو "القائد الى الأبد" أو تعمّد ربط اسمه بشهرين على الأقل من السنة (شهر آذار وشهر تشرين) وما يعنيه الأمر من تعاقب استعادات زمنية سنوياً، إلا دليلاً على هذا الهوس بالتغلّب على الوقت ووظائفه السياسية. ويضاف الى ذلك بالطبع حصاره المواطنين بالسلاح والسجون وغرف التعذيب وصور التلفزيون وأصوات الراديو والملصقات العملاقة وطقوس الولاء والانضباط في المدرسة والكشافة والطلائع وفي الإدارة والجيش ومجلس الشعب، وجميعها وسائل إقناع بسيطرة على الدقائق وبحضور في مختلف الأمكنة والمراحل لا يحدّه ليلٌ ولا تعدّل في نفوذه فصول أو أعوام.

Sunday, March 3, 2013

الثورة السورية في استثنائيّتها وفي بعض تأثيراتها اللبنانية

لم تشهد المنطقة العربية منذ نكبة فلسطين عام 1948 حدثاً مزلزلاً بحجم الحدث السوري المستمر منذ قرابة العامين. ليس لأن الحدث هذا ثورة بكل ما تحمله الكلمة من جذرية معانٍ ودلالات فحسب، بل لأنه أيضاً هدمٌ لسياسات ومفاهيم "وطنية" وإقليمية ولمنظومة ثقافية شوّهت عقولاً ولغة وسلوكاً سياسياً في سوريا ومحيطها منذ نصف قرن.