Tuesday, January 3, 2012

عودةٌ الى الزمن

إن كان من أمر يمكن الجزم بأن العام 2011 قد حقّقه في العالم العربي، فهو إعادة هذا العالم الى العلاقة بالزمن، بالوقت الذي حاول الطغاة جعله خارج المجتمعات وعلاقات ناسها. حاولوا تعليقه بعبارة "الى الأبد" كي تبدو عقارب الساعة مشدودة إليهم، يحرّكونها ببطء في الاتجاه الذي يختارون، أو حتى يوقفونها إن نال منهم مرَض أو أعياهُم قعود.

ظنّوا الدقائق مُلكاً لهم، وسائل لتأكيد أبديّتهم وتحويلها إرثاً عائلياً. فَوَقتُهم مضبوط على ميعاد التجديد ثم التمديد وصولاً الى التوريث. وانتخاباتهم مجرّدة من فعل الزمن، ثابتة على نِسبها المئوية شبه المكتملة. والصورة والصوت محصوران في إعلامهم بجماهير تهتف لفدائهم، تعلن فناء أرواحها في سبيل بقائهم.
حتى وجوههم جُعِلت خارج فعل الزمن، لا شيب يعلوها ولا تجاعيد تحفر فيها مسالك الأيام.


ثم جاءت ثورات ال2011، لتُنهي الاستكانة وتهدم جدران الخوف، مستدعية الزمن لمشاركة الناس في احتلال الساحات، وفي العودة الى الحياة... سقط طغاة، وسيسقط آخرون، وها هي المجتمعات تستأنف تواريخها من لحظة التجميد السابقة. تجهد لتعوّض ما فاتها.
لذلك، ليس مُستغرباً تعرّج المسارات المقبلة ولا وعورتها. فالبحث عن الزمن الضائع شائك، وثمة محنّطون يخشون من عودة الضوء. المهمّ أن لا أحد بعد ال2011 سيؤبّد سلطة أو يوقف دوران ساعة. وال39 في المئة في الانتخابات بعيدة كل البعد عن ال99 في المئة، وعسكر الامتيازات لن يقووا من جديد على فرض قوانين الطوارئ، والصورة والصوت صارا مُلكاً للناس لا إعلام أو سلطة بوسعهما حجبهما. أما الخوف، فأمسى ذكرى تطويها الحناجر والأقلام ويطردها السير واللقاء والغناء.

لقد أعادت ال2011 إذن الى عالمنا العربي الحركة، ولن يكون بمقدور فرد أو جماعة شلّها هذه المرّة، لا بوعد فردوس أرضي، ولا بوعود فراديس سمائية... شكراً 2011! 
زياد ماجد