Tuesday, December 27, 2011

سُقوط مَقولات

من فضائل الثورة السورية الكثيرة، رغم الجراح والأوجاع، وربّما بسبّبها، أنّها هشّمت مقولات سادت في السياسة العربيّة ومفرداتها منذ عقود، وتحوّل المسّ ببعضها الى ما يُشبِه المُحرّمات.
ويُمكن في هذا الإطار التوقّف سريعاً عند ثلاث منها.

Wednesday, December 21, 2011

فنّ في غمار الثورة السورية

أيقظت الثورات العربية حسّاً إبداعياً وتعبيراً فنّياً يواكب قضايا التحرّر ومواجهة القمع والاستبداد. وقد اتّخذ هذا التعبير من فضاء الانترنت موقع حضورٍ له، فانتشرت الأعمال الفنية، من الموسيقى والأغاني الى الأفلام والفيديو كليب، فالكارياتور والرسم والفن التشكيلي عامة. على أن ما بدأ في تونس مع الكاريكاتور والغرافيتي خاصة، ثم استمرّ في مصر وتصاعد موسيقياً وتصويرياً، اتّخذ في سوريا أبعاداً غير مسبوقة في جمالياتها وسعة خيالها وجوانب السخرية فيها - نادية عيساوي وزياد ماجد. 

شكّل طول أمد الثورة السورية، معطوفاً على المعاناة فيها والشجاعة والمثابرة والتزام عدد كبير من الفنّانين بدعمها فرصة لتطوير أعمال بديعة اتّخذت من مواقع إلكترونية وصفحات فايسبوك ويوتيوب مجالات لها.
وفي هذا ربما ما يُشير الى مقدار من التسامي أو التعالي على الجراح والحزن والمعاناة.
النص التالي الذي نُشر بالفرنسية على موقع ميديا بارت (يوم الاثنين في 19 ديسمبر) لا يدّعي الإحاطة بكل ما ظهر وبرز فنياً منذ انطلاق الثورة السورية، لكنه محاولة لإظهار كمّ رائع من الأعمال وتوجيه التحيّة الى أصحابها. ويعتذر الكاتبان إن سها عنهما أي عمل، وهما على ثقة أن الموضوع يستحق دراسة معمّقة ومزيداً من المتابعة الدقيقة. كما يشيران الى أن سينمائيَّين سوريَّين، أسامة محمد وهالة العبد الله، كتبا أو تناولا موضوع الكاميرا والتصوير في هذه الثورة المستمرة، وتطرّقا الى دور اليوتيوب في بث الصُور وجعل الأفلام "مُلكاً" لأصحابها و"كتّابها - شخصيّاتها".

Tuesday, December 20, 2011

إفلاس

لم يسبق أن شهدت الحياة السياسية اللبنانية بهتاناً يشبه البهتان الذي تعيشه راهناً، إن في مفردات التخاطب وأدبيّاتها، أو في شحّ الأفكار والمشاريع، أو في القضايا المطروحة والمقاربات المُعتمدة تجاهها.
فمن الأحذية ومقاساتها و"شرفها" وما تمثّله من فقر مخيّلة لغوية وثقافية، الى التراشق بين سياسيين ودينيين ومفتين حول مسائل سقيمة، مروراً باستمرار تساقط مفردات التخوين والمؤامرات وما يرافقها من اجترار لفظي وسياسي، وصولاً الى استمرار استصدار القوانين المجحفة بحق المرأة، وانتهاءً بما يبدو تبنّي قوى سياسية ومرجعيات دينية لمشروع قانون انتخاب هو أشبه بنظام ملّة القرن التاسع عشر منه بقوانين الانتخاب في القرن الواحد والعشرين، يستمرّ الانحدار اللبناني، ويبدو بلا فرامل.

Wednesday, December 14, 2011

سوريا والخارج

إكتشف بعض الكتّاب مِمّن أربكهم إجرام النظام السوري لفترة، فاستحوا من الدفاع عنه وصمتوا أو بدوا متعاطفين مع الثورة ضدّه، طوقَ نجاة لهم لِيتملّصوا من شبهة ارتباكهم أو صمتهم أو تعاطفهم المؤقّت السابق. وطوق النجاة هذا يسمّونه "تدخّلاً خارجيّاً". فصاروا يختبئون خلف اكتشافهم لإعلان أفعال ندامة، أو لكتابة مقالات فيها سطران عن استنكارهم لعنف النظام (المفضي خمسة آلاف قتيل وعشرات ألوف الجرحى والمعتقلين والمفقودين والمهجّرين والمختبئين)، وصفحتان لهجاء المعارضة والثورة واتّهامها بالسعي لاستدراج التدخّل الخارجي. أي أن العنف المادي والمعنوي الممارس منذ تسعة أشهر وآلاف ضحاياه يستثيرون فيهم سطرين، وبعض المفردات والألفاظ التي يلجأ إليها الضحايا أو الاجتماعات التي يعقدها ممثّلوهم تتطلّب منهم معلّقات يصِلون في ختامها الى جوهر الموضوع: "نحن لسنا مع الثورة لأنها... تتعامل مع الخارج". وهذا معناه في أحسن الأحوال الحياد بين القاتل والقتيل، وفي أسوئها الانحياز الى القاتل على اعتباره "وطنياً"، أي "داخلياً".

Wednesday, December 7, 2011

إسلاميّون انتخاباً

لم يكن مفاجئاً حصول الإسلاميين ذي المرجعية الأخوانية على 40% من الأصوات في تونس (ممثّلين بحزب النهضة)، و36% في مصر حيث وُلدت حركتهم (ممثّلين بحزب الحرية والعدالة). فالإسلاميون الأخوانيون كانوا على الدوام قوة سياسية وشعبية، وقد غيّبتهم الأنظمة على مدى عقود، فصار لفشلها على معظم المستويات ما يتيح لهم ادّعاء القدرة على تشكيل البديل إن هم حكموا أو سُمح لهم أن يُشاركوا. وهم خاضوا أوّل انتخابات حرّة بعد التغيير في تونس ومصر، وافدين الى السياسة "المباشرة" من خارج النادي الرسمي القائم: نظاماً مُهيمناً ومعارضات ضعيفة (وغير محظورة). وفي هذا ما يُعطيهم براءة ذمة من الماضي ويجعلهم في أعين الكثير من الناخبين "خارج نقد المرحلة المنصرمة". وطبعاً، هم يملكون تنظيماً جعله الشعور بالاضطهاد أشدّ مناقبيّة، ولديهم قدرات مادية وتعبوية هائلة، وشعارات يسيرة الحفظ على نحو يدعّم قدراتهم التنافسية.