Tuesday, January 26, 2010

أبو موسى 1983.. أبو موسى 2010

في العام 1983، وبعد عام على الاجتياح الاسرائيلي للبنان، اندلعت معارك ضارية في مخيمي البارد والبداوي في الشمال وفي بعض مناطق طرابلس بين الجيش السوري ومقاتلي حركة فتح.
كان النظام السوري قد قرّر شن هجوم شامل على الوجود الفلسطيني الذي لم تنهه إسرائيل في اجتياحها بهدف القبض على الورقة الفلسطينية والقضاء على مفاعيل الشعار العرفاتي الشهير: القرار الوطني المستقل. وقد اتّخذ الهجوم السوري يومها اسماً حركياً هو "فتح الانتفاضة" بقيادة أبو موسى و"القيادة العامة" بقيادة أحمد جبريل.
وبعد ثلاثة أشهر من الكرّ والفرّ، وبعد خسائر بشرية مدنية فلسطينية ولبنانية وعسكرية سورية وفلسطينية فادحة، سقط مخيما الشمال بيد الجيش السوري، ودخل أركان "الانتفاضة والقيادة العامة" استعراضياً إليهما، قبل أن يعودوا الى دمشق، موقع الأمر والنهي بالنسبة إليهم.

وفي العام 2007، دخلت "فتح الانتفاضة" مخيم البارد ثانية، متأسلمة هذه المرة، وبأمرة أحد ضبّاطها شاكر العبسي. ورغم مسرحية سجن أبو خالد العملة في دمشق لاتهامه بالانشقاق وبارتباط متأسلمي "الانتفاضة" به وتشكليهم "فتح الاسلام"، ورغم بعض الملابسات المحلية داخل المخيم وفي محيطه لجهة استقطاب سلفيين جهاديين والدخول في علاقات مع فلسطينيين ولبنانيين من جهات عدّة، بقيت الخيوط المخابراتية التي تُحرّك العبسي (ومن فرّ معه بعد خراب المخيم ومآسي أهله) هي نفسها التي حرّكت "الانتفاضة" قبل 24 عاماً.
واليوم في العام 2010، يدخل أبو موسى المسرح الفلسطيني في لبنان من جديد. يظهر من منزل رئيس بلدية صيدا ليرفض البحث في سحب السلاح والمقاتلين التابعين "لانتفاضته" والمتواجدين خارج المخيمات. يظهر من عاصمة الجنوب ليربط سلاحه بالصراع العربي الاسرائيلي، المتخطّي لبنان واللبنانيين، والمتخطّي شؤون اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم.
هكذا، يمرّر العقيد رسالة سورية تذكّر بتعدّد الأوراق الأمنية التي يملكها نظام دمشق وتؤكد أن موضوع السلاح "الانتفاضي" و"القيادي" ليس مسألة تقنية، ولا هو مسألة حوار وطني أو مصالحة لبنانية سورية. ذلك أن اللجوء الى مقولة الصراع العربي الاسرائيلي يشير الى أن الأمور أبعد من القضايا الوطنية – أو "القُطرية" بالعرف البعثي – وهي تستدعي مباحثات إقليمية وتفاوضاً مع "المجتمع الدولي" والولايات المتحدة وبحثاً في مآل قرارات الأمم المتحدة، من القرار 242 الى القرارين 1559 و1701، وهنا على الأرجح بيت القصيد...
وهذا كله يعني استمراراً في سياسات استدراج العروض انطلاقاً من الساحة اللبنانية. وهو يستدعي وضوحاً رسمياً لبنانياً، لم يظهر حتى الآن، أو على الأقل، لم يجر التعبير عنه بالمستوى المطلوب.
زياد ماجد